ابو حدود
مرحبا بك زائرنا الكريم
ابو حدود
مرحبا بك زائرنا الكريم
ابو حدود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


<
 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول

 

 القواعد الحسان في تأديب الولدان بلوغ الآمال في تربية الابناء

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نغم
الادارة تقدم شكرهـا لك على جهودك ♥♥♥
الادارة تقدم شكرهـا لك على جهودك ♥♥♥
نغم


عدد المساهمات : 148
تاريخ التسجيل : 29/03/2011

القواعد الحسان في تأديب الولدان بلوغ الآمال في تربية الابناء Empty
مُساهمةموضوع: القواعد الحسان في تأديب الولدان بلوغ الآمال في تربية الابناء   القواعد الحسان في تأديب الولدان بلوغ الآمال في تربية الابناء Emptyالإثنين يناير 09, 2012 5:10 am

القواعد الحسان في تأديب الولدان
بلوغ الآمال في تربية الأطفال
النصح والإرشاد في معاملة الأولاد
الإيضاح والتبيين في تلقين البنين
خواطر وتأملات في تنشأة الأولاد والبنات


كتبه
الدكتور
ضياء بَدُّور
*باحث شرعي وطبيب نفسي*


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ...

فهذه خواطر وتأملات .. في تربية الأولاد والبنات
جمعت فيها خلاصات وعصارات .. من علم الشرع وعلم النفس وتجارب متممات

والله أسأل أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى سبحانه
إنه ولي ذلك والقادر عليه .. ولا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه


القاعدة الأولى
** التأديب من الآباء ، والإصلاح من رب الأرض والسماء **


هذه قاعدة عظيمة في تربية الأولاد ، أردت أن استفتح بها هذه القواعد لخطورتها وأهميتها
فكثير من الآباء يظن أنه قادر على تربية ولده بمهاراته التربوية وقدراته العقلية وملكاته النفسية !
ويظن أنه بإدخالهم لأفضل المدارس ، وتعليمهم أرقى العلوم ، وخلطهم بأرقى طبقات المجتمع
مسيطر على نفوسهم ، ومهيمن على تصرفاتهم
وهذا غلط فادح
ذلك أنه لا بأس أبدا أن يأخذ الوالدان بكل أسباب التربية المباحة المتاحة
ولكن البأس كل البأس في ركون قلوب الآباء لهذه الأسباب .. ثقة بها واعتمادا على قوتها وشأنها
فالإنسان إذا وكله الله إلى نفسه ضل .. وإذا وكله إلى علمه ذل

فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم .. وهو من هو في علمه وحلمه وحكمته وفطنته
قال له ربنا سبحانه : إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ

وهذا نبي الله نوح عليه السلام لم يقدر على ابنه ..
حتى وصل الأمر أن قال لله رب العالمين مشفقا على ولده:
رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ
فقال له ربنا جل وعلا :
قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ

ولذا كان من جملة ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم إذا أصبح
كما في مسند أحمد من حديث زيد بن ثابت في دعاء طويل :

وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة .. وإني لا أثق إلا برحمتك
فاغفر لي ذنبي كله إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وتب علي إنك أنت التواب الرحيم

ياالله .. تأملوا رعاكم الله في هذا المعنى الخطير .. الذي يغفل عنه كثير من الآباء في زماننا
لا تركنوا إلى أنفسكم في تربية أولادكم .. لا تركنوا إلى أفهامكم
لا تركنوا إلى عقولكم .. لا تركنوا إلى مهاراتكم
بل اركنوا إلى الركن الشديد .. والرب المجيد
الذي يقلب قلوب العباد .. ويلقي فيها بالخير والسداد
وفرقوا بين الأخذ بالأسباب .. وتعلق القلوب وتوكلها على مسبب الأسباب
فما عليكم إلا النصح والإرشاد .. وأما الإصلاح حقيقة فمرده إلى رب العباد.



القاعدة الثانية
** الطفل كالإسفنجة في شرب المياه .. يتشرب ما يراه ... ويحاكي أمه وأباه **



كثير من الآباء والأمهات لا ينتبه لمثل هذا الأمر الخطير
وكثير منهم يظن أن هذا التشرب لا يبدأ إلا مع بداية سن التمييز في الرابعة أو الخامسة
وهذا غلط ... ذلك أن الطفل يبدأ هذا التشرب في سن مبكرة جدا
لدرجة أن بعض الباحثين ذهب إلى ظهور هذا التشرب في فترة الحمل !
وتشرب الطفل من أمه وأبيه ليس مقتصرا على الأقوال فحسب
بل يتعدى إلى الأفعال والأحوال والهيئات ، والحركات والسكنات ، والمشاعر والانفعالات

والمشاهد التي يراها الطفل لا تخلو من نوعين :
مشاهد حسية ومشاهد معنوية
المشاهد الحسية كالألفاظ والحركات ونحوهما من الأشياء المادية
والمشاهد المعنوية كالمشاعر والانفعالات ونحوهما من الأشياء الروحية

فأما المشاهد الحسية فيراها بعين وجهه [البصر]
وأما المشاهد المعنوية فيراها بعين قلبه [البصيرة]

وهذه المشاهد لا تخلو من حالين :
فإما أن تكون إيجابية ، وإما أن تكون سلبية
ولأن الطفل عادة لا يفرق بين السلبيات والإيجابيات
فينبغي على الوالدين تعلم [مهارة التعليق]
[طبعا مش تعليق أولادهم في النجفة

وأعني بمهارة التعليق القدرة على الاستفادة من المشاهد السلبية والإيجابية المحيطة بالطفل في تنمية فكره وعقله
فلا يجمل بالأبوين أبدا أن يمرا على هذه المشاهد مر الكرام .. من غير تعليق ولا توصيف ولا كلام

وسأتكلم إن شاء الله في القاعدة الآتية عن مهارة التعليق
مع ضرب أمثلة على كيفية استغلالها لكل أم حانية وأب شفيق
والله الموفق



القاعدة الثالثة
** كن كالصياد الماهر .. وعلق على المواقف وحاور **


تشكيل نفسية الطفل وفكره وعقله مسؤولية كل من يتعامل معه .. وخصوصا الأب والأم
فإذا لم يهتم الأبوان بفكر ونفسية الولدان فمن ذا الذي يهتم !
وإذا لم يتفكرا وينشغلا بهذا الأمر المهم فمن ذا الذي يتفكر لهما وينشغل بأولادهما !

كثير من الآباء في زماننا يظن أنه بإطعامه ولده أفضل الطعام وإلباسه أفضل الثياب وإدخاله أفضل المدارس
قد قام بما عليه من الواجب .. والبقية تتحملها المدرسة والهيئات التعليمية

فالأم مشغولة في بيتها أو عملها

والأب مشغول في عمله وأمواله وأصدقائه وحياته الشخصية التي يعيش بها منفردا عن أهل بيته
فربما كان معهم بجسده وهو بعيد بروحه وعقله !

فالأولاد في حياته كائنات [فضائية] لطيفة مسلية يراها من حين إلى آخر
فيلعب بها قليلا ويرى فيها رجولته وفحولته ..
ثم لا يبالي بعد ذلك بعقولهم ولا نفسياتهم .. ولا يحاول أن يبعد عقله عن حياته قليلا إلى حياتهم ..

والأم المسكينة الحائرة لا تدري ما تفعل
ربما قست على أولادها في مقابل لين زوجها معهم ..
وربما لانت وتساهلت في مقابل قسوته الشديدة عليهم ..
وربما تصارعا معا أمام الأطفال سلبا وإيجابا في الحكم على سلوك معين ..

فيقع الأطفال المساكين في حيرة واضطراب ..
ويتجهون بعقولهم لأطراف خارجية [مجهولة الهوية] للحكم على الأشياء ..

وهنا تقع المصيبة ..
وتتشكل نفسية الطفل من خليط مشوه ضعيف التكوين ..
لا يستطيع التعامل مع واقعه باتزان وتعقل وحزم ولين


جاءني أب في أحد الأيام من بلد بعيد فقال لي :
إني مشفق على ولدي الحبيب .. وأريد أن أراه شابا متزنا ذا رأي سديد
فدلني على الصواب .. وخذ بيدي إلى سبل الرشاد
فقلت له :
ما أشد حرصك على ولدك وأروع عنياتك به ! ..
تقطع كل هذه المسافة لتسألني هذا السؤال ؟ هلا سألتني في الهاتف فأجبتك وفصلت لك المقال ؟
فقال لي :
هذا أمر عظيم .. ولا أنام اليل بسببه .. فلا يجمل أبدا أن أكلمك فيه هاتفيا
فقلت له والدمع يذرف من عيني :
ليت كل الآباء مثلك .. جزاك الله عن ولدك خير الجزاء

فأخذت أردد عليه بعض القواعد في تربية الأطفال .. وأنا أقول بيني وبين نفسي على استحياء منه :
أعلمك وأنا أجدر بالتعلم منك .. أعلمك وأنا أولى بالأخذ عنك

وكان من جملة القواعد التي رددتها على مسامعه هذه القاعدة التي نحن بصددها
[كن كالصياد الماهر .. وعلق على المواقف وحاور]

ثم انصرف عني وولى .. وإذا به يأتيني مرة أخرى في الأسبوع الذي يليه بلهفة مشوبة بفرح
ففتح حقيبته وأخرج كراسة وقال لي : أنظر فيها وقل لي ما رأيك .. فتعجبت ونظرت
فإذا به قد تأمل في كل المواقف التي تتكرر غالبا مع ولده .. وكتب أمام كل واحد منها تعليق أنيق

فقلت له : لماذا فعلت ذلك ؟ ..
فقال لي :
ألم تقل كن كالصياد الماهر .. الصياد الماهر لابد أن يعد العدة قبل صيده
فأعددت تعليقاتي لتكون مهيئة للرمي بها .. وجئت بها لتصححها وتنقحها وتزيد فيها ما يصلح لها
فأخذت في قراءة تعليقاته فرحا بها .. وشرعت في الزيادة عليها وإتمام ما بها


لابد من تحمل هذه المسؤولية العظيمة كما تحملها هذا الأب
فكم من أناس لا يعتنون بأطفالهم إلا من منظور مادي صرف
فربما سافر واغترب .. أو أقام مع التعب .. من أجل هدف واحد .. [مستقبل الأولاد]

وهذا المستقبل يتحقق عند كثير من الآباء بالآتي :
شقة تمليك .. عربية .. فلوس في البنك .. أرقى تعليم .. ثم زواجه
هذا هو المستقبل في نظر كثير من الآباء

وهذا كله مباح لا شيء فيه ولكن ..
أين أرواح الأولاد .. أين عقولهم .. أين دينهم .. أين فكرهم .. أين إتزانهم
أليس هذا كله من مستقبل أولادك ؟
أليس من حقهم أن ينعموا بهذا التوازن النفسي في ظل هذه الظروف المختلة المضطربة
التي يصعب فيها التعامل مع الآخرين؟

الانشغال بالأمور الحياتية ليس مبررا للتقصير في العناية بهذه المخلوقات الملائكية

وفي ضوء ما نحن بصدده من الكلام على التعليق
لو قال لي قائل : ما هي أهداف هذا التعليق ؟

فالجواب :
* تعليق قلب الطفل بالله رب العالمين
* تنفير قلب الطفل من الشرور والشياطين
* الوصول بالطفل إلى غاية التوازن في التعامل مع الآخرين
* الارتقاء بروح الطفل إلى أعلى عليين
* مراعاة نفسية الطفل وتقلبها في كل وقت وحين


ولو قال قائل : ما هي آليات هذا التعليق؟

فالجواب :
التعليق على المواقف له طريقان :

فإما أن يكون بتكرار بعض الكلمات على مسامعه في سياقات معينة
وإما أن يكون بالتحاور
وهذا التحاور له صورتان :
فإما أن يكون مع الطفل .. وإما أن يكون مع أبيه وهو يسمع

وطريقة التحاور لا تصلح إلا مع الطفل المميز الفاهم للخطاب
وأما إذا كان صغيرا لا يعي الخطاب فتكرار الكلام على مسامعه هو المعتمد

وسأضرب بعض الأمثلة لتوضيح آليات التعليق الإيجابي المفيد في تحصيل هذه الأهداف


الغرض الأول من أغراض التعليق
** تعليق قلب الطفل بالله رب العالمين **


لابد أن يحاط الطفل بالتعليقات والعبارات التي تأخذ بقلبه الطاهر الصافي إلى الله
الله رزقنا ... الله أنعم علينا ... الله أعطانا ... الله تفضل علينا
ربنا رزقك [مش بابا جابلك] .. ربنا أنعم عليك [مش ماما أخدت بإيديك]
لولا فضل الله لما نجحت [مش لولا تعبك لما نجحت]
لولا عطاء الله لنا لما اشترينا [مش لولا فلوس بابا لينا لما اشترينا]
لولا حفظ الله لك لجرحت [مش لولا بابا لحقك لجرحت]


لابد أن يتكرر رزق الله وفضل الله ونعم الله وحفظ الله وشكر الله وتوفيق الله على مسامع الطفل
ليل نهار وصبح مساء .. فالطفل يتشرب ما يتكرر في أذنه كثيرا
وكلما تعلق بالله وأيقن في عمقه أن كل شيء منه وإليه إزداد اتزانه الداخلي .. ولم يتعلق قلبه بالأسباب الفانية
وسهل عليه جدا أن يأخذ بالأسباب إن وجدها .. وأن يستغني عنها إن فقدها
فيخرج من طفولته متوكلا على الله لا متواكلا .. وآخذا بالأسباب لا تاركا لها

ذلك أننا ربطنا في التعليقات السابقة بين أمرين :
أولهما : توكله على الله وتعلق قلبه به جل في علاه
وثانيهما : الأخذ بالأسباب والسعي في تحقيق مبتغاه

إذا نزل المطر قل له : هذا رزق الله نزل من السماء ..
[بدل ما تقوله الدنيا بتشتي !!]
إذا رأيت مبتلى قل له : الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى بها غيرنا ..
[بدل ما تودي وشك الناحية التانية !!]
إذا ركبت سيارتك فقل : الحمد لله الذي سخر لنا هذا ..وأسمع طفلك ..
[بدل ما تسكت وتسوق وخلاص!!]
وهكذا دواليك

بهذه الطريقة يتيقن الطفل أن حياته كلها لله وبالله
ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما وهو غلام
فيما رواه الترمذي بإسناد صحيح
يا غلام ! .. إني أعلمك كلمات
احفظ الله يحفظك .. احفظ الله تجده تجاهك .. إذا سألت فاسأل الله .. وإذا استعنت فاستعن بالله
واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك
ولو اجتمعواعلى أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك
رفعت الأقلام وجفت الصحف

الغرض الثاني
** تنفير قلب الطفل من الشرور والشياطين **


نرى أناسا في حياتنا يحبون الشرور .. أحياء بيننا وقلوبهم في القبور
فيتعجب الطاهرون من أحوالهم .. ويشفق الصالحون على مصيرهم ومآلهم
ثم يزول التعجب غالبا بعد النظر في تربيتهم .. ومعاملة آبائهم لهم في زمن طفولتهم وصغرهم

كثير من الآباء والأمهات في زماننا عندهم قدرات [خارقة]
على زرع الطبائع الخبيثة في قلوب أطفالهم الطاهرة النظيفة
فيفسدون قلوبهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا

والسر في ذلك مبدأ منطقي معروف المآل .. وهو الإحلال والإبدال لإخفاء النقص والانحلال
فلو أن أبا متكبرا ربى ولده على التواضع لافتضح أمره وظهر عيبه أمام ولده وأمام الناس
فيتجه هذا الأب بطريقة تلقائية إلى تربية ولده على الكبر .. إما تصريحا بمقاله وإما تلميحا بردود فعله وأحواله
وهذا هو الإحلال والإبدال لإخفاء النقص والانحلال
أبدل طهر التواضع وجماله الفطري في قلب ولده بكبر خبيث ... ليخفي بذلك كبره ونقصه
لأنه لا يحب أن يرى في ولده ما يعكر عليه صفو طبعه !

كصديق السوء .. يوهم من يغويه بحسن المعصية .. ويزينها له أيما تزيين ..
لأنه يشعر في عمق نفسه بتميزهم عنه ببعدهم عن دنس المعاصي وقبح الآثام ..
وفي الوقت نفسه لا يملك القوة النفسية للتشبه بهم ..
فيتجه إلى إغوائهم وصدهم عن سبيل ربهم ليتساوى معهم في المنزلة !

ولذا نسمع هذا الرد المشهور بين الشباب على من تاب من رفقتهم وعمل بطاعة الله
يقولون له : [انت هتعملنا فيها شيخ ! ... انته مش كنت لسه بتعمل معانا كذا وكذا]

التحليل النفسي لهذه الجملة يدل على ما قدمت من الرغبة في إخفاء النقص والانحلال بالإحلال والإبدال
ذلك أن الإنسان المتزن السوي إذا تاب صديقه فرح بذلك .. وتمنى بينه وبين نفسه أن يكون مثله
وهذا واقع في كثير من الشباب الذين لم يفقدوا هذا الاتزان النفسي
أما شياطين الإنس منهم فلا يكفون عن السخرية والاستهزاء ... وتلقيبهم بأبشع الألقاب والأسماء

فهكذا يكون الأبوان مع الأطفال
ولكن الفارق بين أصدقاء السوء والآباء أن أصدقاء السوء غالبا ما يفعلون ذلك بوعي وتعمد
أما الآباء فيفعلون ذلك غالبا بغير وعي وتعمد .. ولكن النتيجة واحدة في النهاية

ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :
ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه أو يمجسانه

ولئن قدر الأبوان على التنصير والتهويد فإنهما على زرع الطبائع الخبيثة أقدر !
فكم من طفل اكتسب سوء الخلق من أبيه .. لسوء خلقه مع زوجه وبنيه
وكم من طفلة اكتسبت سوء الخلق من أمها .. لسوء خلقها مع زوجها وأهلها

وهنا تظهر أهمية التعليق الإيجابي
ودونكم أرشدكم الله مشهدين في هذا الباب

طفل يلعب بجوار أبيه وهو يقلب القنوات الفضائية
وفجأة ينظر الأب ويحدق وتلتمع عينه ويكف عن التقليب
فينظر الطفل ببراءة ملائكية إلى ما أخذ بلب أبيه
فإذا بامرأة متكشفة .. تتمايل أمام السكارى غير متعففة
فكلما ازدادت في تمايلها .. ازداد الأب فرحا وطربا وأنسا بها
فحينها يقول الطفل البريء مستفهما : [مين دي يا بابا؟!]
فيقول هذا الغافل السفيه : [روح العب بعيد يا حبيبي عشان اعرف اتفرج!]

هذا التعليق لا يمر على الطفل مرور الكرام مهما صغر سنه .. بل يخزنه ويستصحبه معه في حياته
فيتأمل فيه ويحكم على أبيه .. وربما تعامل من خلاله في حياته مع أهله وذويه
ذلك أن هذا التعليق يترجم في عقله تحت مسميات وقواعد حياتية مختلفة ...
كاللامبالاة .. والسعي وراء الأهواء .. والأنانية لتحقيق الأغراض الشخصية ..
وعدم الالتفات لنظر رب العالمين والحرص على إرضائه .. وغيرها كثير

وأما المشهد الآخر ، فأب رأى ما رآه الأب الآخر
فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم .. وذكر الله التواب الرحيم
فقال له الطفل متعجبا : [ليه بتقول كده؟]
فقال مربيا ومعلما :
رأيت ما لا يحبه الله .. وأنا أحب الله .. ولا أحب أن أرى ما لا يحبه
لأنه يراني ويراك .. ويسمع ما أقوله ويسمعك

كثير من الناس يستقل عقول الأطفال ويستصغر فهمهم
والذي يتعامل مع الأطفال من هذا المنطلق أولى بضعف العقل من الطفل
ذلك أن الأطفال يشعرون ويتأملون .. ويراقبون ويفهمون .. ويتسائلون ويفكرون
ومن هذا المنطلق فتمرير المشاهد الخبيثة أو المواقف الفاسدة أو الكلمات النابية على الأطفال
من غير تعقيب وتعليق أمر مضر للطفل جدا .. لأنه يترجم سكوت الأب أو الأم إلى إقرار

ولا يشترط أن يكون التعليق في كل مرة بالتوجيه المباشر للطفل
بل الأولى والأفضل ألا يوجه التعليق في كل مرة للطفل نفسه إلا إذا سأل
فتارة يكون التعليق موجها للأب ..
وتارة يصدر في صورة جملة تنفيرية .. تكون كالعلامة على قبح هذا الأمر
كقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. أو الحمد لله الذي عافانا

وتارة يكون بالثناء على نقيض هذا الأمر
كقول : [ما أجمل الصادق ]في سياق الكذب ..أو [ما أروع المتواضع ]في سياق الكبر

وهنا لم أقل [ما أجمل التواضع ] بل [المتواضع]
لأن الثناء على المتواضع يشمل الثناء على التواضع وعلى فاعل التواضع
بخلاف الثناء على التواضع

وهذا يدفع الطفل ويحثه على التلبس بالتواضع ليكون من المتواضعين فيظفر بهذا الثناء
ذلك أن الأطفال يحبون الثناء ويسعون بشدة في جذب الانتباه
سواء بأفعالهم السلبية [كالعند] أو الإيجابية [كحسن الخلق]
فلابد من استغلال هذه المسألة على هذا النحو
والله الموفق


الغرض الثالث
** الوصول بالطفل إلى غاية التوازن في التعامل مع الآخرين **


هذا هو الغرض الثالث من أهداف التعليق .. وهو هدف عظيم جليل جدير بالاهتمام والتطبيق
[ التوازن ]
وصف عزيز في زماننا .. قل أن نراه في أولادنا وبناتنا
فمع هذا التقدم السريع المحتدم .. الذي أخذ بلب الأطفال وعقولهم
وجعلهم قادرين على التعامل مع ما يصعب على أبائهم وأجدادهم
قل أن نجد طفلا يتعامل مع غيره بإتزان .. شيء عجيب مثير لحيرة الإنسان
يتعامل مع تقنيات معقدة بالنسبة لسنه وفهمه
[لابتوب .. بلايستيشن .. آي باد .. آي فون] وغيرها
ولا يستطيع التعامل مع غيره بالأصول والبديهيات المعروفة
وذلك لانحصار عقله في عالم افتراضي من [الألعاب الالكترونية]
وعدم التفات أبويه لتنمية مهاراته وتأديبه ليتعامل بتوازن مع النفوس البشرية
نسمع كثيرا من الأطفال يتمتمون بأسماء الشخصيات الكرتونية أو أسماء الأسلحة في الألعاب الالكترونية
وقل أن نسمع طفلا يتمتم بما يفيد من القول السديد

كنت يوما عند [الحلاق] .. أتفكر في أحوال الناس في هم وإشفاق
فإذا بطفل في السابعة من عمره .. قد جاء مع أبيه لحلق شعره
ثم أراد الأب أن ينصرف لانشغاله .. فاستأذن ابنه في لطف ومسح على شعره
فلما ولى وانصرف بوقار جم .. نظر إلي هذا الطفل وابتسم
فابتسمت متعجبا من برائته .. وتطلعت إلى محادثته ومعرفة سر ابتسامته
فإذا به والحالة هذه يقوم .. يسير بخطى ثابتة إياي يروم
فمددت يدي وصافحته فصافحني .. وأجلسته بجانبي فجالسني
وسألته عن اسمه فأجابني .. وسألني عن اسمي ففاجئني
ثبات وتوازن ورقي في الكلام .. لا يستوي مع سنه المعدودة الأيام
فأخذت في الثناء على ابتسامته .. وحسن أدبه وجميل جرأته
فقال لي في حياء وإتزان .. هذا أخذته عن والدي والقرءان
فقلت : كيف أخذت هذا عن والدك .. ولم ينبت لك شعر في لحيتك
قال أخذته فقط من رؤيته .. وحسن فعله ولطف كلمته
قلت : وكيف الأخذ عن كتاب الله .. وقد هجره كل غافل ولاهي
قال : من فضل ربي وجوده وكرمه .. أن رزقني بأم تعمل بكلامه
كم علمتني من آدابه وهديه .. حتى تلبست بكل ما جاء به
فكاد قلبي أن يطير فرحا .. وأخذت أنظر خفت أن يكون شبحا

وهنا جاء المنادي ليقص شعري .. فقدمته على نفسي ياليت شعري
فأبى إلا أن يكون الثاني .. فأقسمت عليه بلا تواني
فقام والحياء يملأ وجهه .. وجلس بين يديه وطأطأ رأسه
وعندها هالني شيء لم أره .. من مدع لتدين أو افترى
رأيت هذا الطفل يتمتم بالتسبيح .. من أول القص لآخر التسريح
ثم انتهى من حلقه وجاء والده .. وإذ به يقوم سعيا نحو والده
فجاء به وقال : هذا أخي وسماني .. فقلت له : أبشر بولدك ذي الأدب والشآن
فقال : هذا فضل ربي وكفى .. وبركة اتباع النبي المصطفى !!


الغرض الرابع
** الارتقاء بروح الطفل إلى أعلى عليين **


اعلموا أرشدكم الله
أن عالم الأرواح عالم علوي بديع .. مُطهَّر من كل شائبة أو مستقبح شنيع
لا لغو فيه ولا تأثيم .. ولا عيب فيه ولا زنيم
كلما ارتقى المرء بروحه إليه .. تطهر قلبه وعلا فضله وفتح على يديه

والارتقاء الروحي مفهوم مرن مطاط .. تفاوت الناس في فهمه بين الجمال والانحطاط
فمنهم من يراه في السفول .. ومنهم من يراه في الأخلاق والعقول

ولا شك عند أحد من العقلاء المنصفين .. سواء كان من المسلمين أو الكافرين
أن قمة التحضر والتقدم والرقي الإنساني .. كائن في كلام النبي والقرءان المثاني
وعليه فكل ما كان مخالفا لشرع رب البرية .. فاحكم عليه بالتخلف والانحطاط والرجعية

ولذا قال تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

نعم .. المؤمنون العاملون بطاعة الله هم خير البرية
لأنهم تزينوا بشرع رب البرية
الذي هو أرقى وأعلى وأسمى من أي حضارة بشرية

ولذا قال تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ

الكافرون المعرضون عن دين الله هم شر البرية
حتى لو تقدموا وتفوقوا في أمور الدنيا على سائر البشرية

30 ألف منتحر سنويا في اليابان = أعلى البلاد تقدما في العالم
160 ألف منتحر سنويا في فرنسا = رائدة النهضة والتنوير في أوروبا
ربع مليون منتحر سنويا في الصين = أقوى البلاد اقتصادا في العالم
أرقام مفزعة لانتحار الشباب في سويسرا والسويد = مع كونهما أعلى دولتين في نسبة دخل الفرد في العالم

وفي المقابل ..
حالات الانتحار قليلة أو نادرة في العالم الإسلامي .. لدرجة الإعلان عنها في الجرائد والمجلات إذا وقعت

والسؤال .. لماذا ينتحرون؟ .. ومن أي شيء يهربون؟
والجواب .. ينتحرون لفرط الاكتئاب .. ويهربون بأرواحهم من العذاب وإلى العذاب

وبيان ذلك :
أن الأجساد لها غذاء حسي .. والأرواح لها غذاء معنوي
فغذاء الأجساد هو الطعام والشراب .. وغذاء الأرواح هو الإيمان والقرءان

ولذا قال الله تعالى .. في خواتم سورة الشورى

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا
مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ
وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا
وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ

فالقرءان روح .. نزل به الروح .. ليكون لأرواحنا روح

ولذا قال الله تعالى :
أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ
كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا

وقال الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري من حديث أبي موسى الأشعري
مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت

وبهذا يتضح بالدليل والبرهان .. ما صار إليه المنتحرون من الخذلان
سارعوا إلى تغذية الأبدان بالطعام .. وصاروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام
وصاموا وأمسكوا عن غذاء أرواحهم .. وأعرضوا عن إحيائها بشرع ربهم
فوقعت النفرة بين الروح والجسد .. وشقت الظلمات طريقها بينهما إلى الأبد

وهنا تسعى الروح في انفصالها .. بالبعد عن جسد صاحبها وخليلها
فتلح عليه في الخروج منه .. وتمنيه بالسعادة في البعد عنه
حتى تتمكن من إرادته وقدرته .. وتوجهه إلى قتل هذا الجسد برمته
فيلقي بجسده من شاهق أو جبل .. ويستسلم لروحه كمن أصيب بالخطل
فتخرج الروح من عذاب إلى عذاب .. وينتقل الجسد من الثياب إلى التراب

فاللهم رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا
وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ



الغرض الرابع
** الارتقاء بروح الطفل إلى أعلى عليين **


اعلموا أرشدكم الله
أن عالم الأرواح عالم علوي بديع .. مُطهَّر من كل شائبة أو مستقبح شنيع
لا لغو فيه ولا تأثيم .. ولا عيب فيه ولا زنيم
كلما ارتقى المرء بروحه إليه .. تطهر قلبه وعلا فضله وفتح على يديه

والارتقاء الروحي مفهوم مرن مطاط .. تفاوت الناس في فهمه بين الجمال والانحطاط
فمنهم من يراه في السفول .. ومنهم من يراه في الأخلاق والعقول

ولا شك عند أحد من العقلاء المنصفين .. سواء كان من المسلمين أو الكافرين
أن قمة التحضر والتقدم والرقي الإنساني .. كائن في كلام النبي والقرءان المثاني
وعليه فكل ما كان مخالفا لشرع رب البرية .. فاحكم عليه بالتخلف والانحطاط والرجعية

ولذا قال تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

نعم .. المؤمنون العاملون بطاعة الله هم خير البرية
لأنهم تزينوا بشرع رب البرية
الذي هو أرقى وأعلى وأسمى من أي حضارة بشرية

ولذا قال تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ

الكافرون المعرضون عن دين الله هم شر البرية
حتى لو تقدموا وتفوقوا في أمور الدنيا على سائر البشرية

30 ألف منتحر سنويا في اليابان = أعلى البلاد تقدما في العالم
160 ألف منتحر سنويا في فرنسا = رائدة النهضة والتنوير في أوروبا
ربع مليون منتحر سنويا في الصين = أقوى البلاد اقتصادا في العالم
أرقام مفزعة لانتحار الشباب في سويسرا والسويد = مع كونهما أعلى دولتين في نسبة دخل الفرد في العالم

وفي المقابل ..
حالات الانتحار قليلة أو نادرة في العالم الإسلامي .. لدرجة الإعلان عنها في الجرائد والمجلات إذا وقعت

والسؤال .. لماذا ينتحرون؟ .. ومن أي شيء يهربون؟
والجواب .. ينتحرون لفرط الاكتئاب .. ويهربون بأرواحهم من العذاب وإلى العذاب

وبيان ذلك :
أن الأجساد لها غذاء حسي .. والأرواح لها غذاء معنوي
فغذاء الأجساد هو الطعام والشراب .. وغذاء الأرواح هو الإيمان والقرءان

ولذا قال الله تعالى .. في خواتم سورة الشورى

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا
مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ
وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا
وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ

فالقرءان روح .. نزل به الروح .. ليكون لأرواحنا روح

ولذا قال الله تعالى :
أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ
كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا

وقال الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري من حديث أبي موسى الأشعري
مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت

وبهذا يتضح بالدليل والبرهان .. ما صار إليه المنتحرون من الخذلان
سارعوا إلى تغذية الأبدان بالطعام .. وصاروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام
وصاموا وأمسكوا عن غذاء أرواحهم .. وأعرضوا عن إحيائها بشرع ربهم
فوقعت النفرة بين الروح والجسد .. وشقت الظلمات طريقها بينهما إلى الأبد

وهنا تسعى الروح في انفصالها .. بالبعد عن جسد صاحبها وخليلها
فتلح عليه في الخروج منه .. وتمنيه بالسعادة في البعد عنه
حتى تتمكن من إرادته وقدرته .. وتوجهه إلى قتل هذا الجسد برمته
فيلقي بجسده من شاهق أو جبل .. ويستسلم لروحه كمن أصيب بالخطل
فتخرج الروح من عذاب إلى عذاب .. وينتقل الجسد من الثياب إلى التراب

فاللهم رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا
وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ




[تتمة]
** [يا رب أشوفك أحسن واحد في الدنيا] **


دعاء مشهور .. سمعناه كثيرا من أبائنا وأمهاتنا .. غالبا ما يترجم في ذهن السامع إلى :
يارب أشوفك دكتور أو مهندس
أو نحو ذلك من أنواع الوظائف التي يكتسب بها الشاب وجاهة اجتماعية أو عائدا ماديا

وهذا دعاء جميل ... لكنه بحاجة إلى تعديل
لأن معيار الخيرية لا يكون بأمور الدنيا بحال من الأحوال ... سواء في ذلك الوجاهات أو الدراسات أو الأموال

فأحب الخلق إلى الله منهم الفقراء كالنبي عليه الصلاة والسلام .. ومنهم الأغنياء كسليمان عليه السلام
وأبغض الخلق إلى الله منهم الفقراء كفقراء الكافرين .. ومنهم الأغنياء كقارون وغيره من الملاعين

ولذا قال الله تعالى في سورة الفجر :
فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)
وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)كَلَّا

[[كلا]] هذه إبطال لما قبلها من ربط الإنسان الجاحد بين رزقه ورضا الله عليه سلبا وإيجابا

وهذا المعنى كثيرا ما يترسخ في عقول الأطفال من غير قصد من أبائهم ولا ذويهم
فيتشربون هذا المعنى الخطير .. ويربطون بين رزقهم الدنيوي وكرامتهم عند العليم الخبير

وهذا خطأ فادح في تربية الأولاد
لأن هذا يعلق جسد الطفل وعقله بالحياة الدنيا.. ويحرمه من تعلق روحه وتلذذها بالحياة العليا


وعليه فالأولى أن نرتقي بمعنى هذه الجملة المشهورة
[يارب أشوفك أحسن واحد في الدنيا]
إلى ما سبق معنا في قوله تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

ألا تريد أيها الأب الفاضل أن تجعل ولدك من خير البرية
ألا تتطلعي أيتها الأم الفاضلة إلى علو منزلة ولدك عند رب البرية

من لم يتطلع للارتقاء بأولاده لهذه المنزلة الروحية العظيمة فهو للأسف الشديد
ضعيف الديانة .. وناقص العقل والأمانة

وما أكثر هؤلاء الآباء في زماننا
يخرجون أطفالا بلا أرواح .. أجساد تأكل وتشرب وتلعب بكل مباح
يهتمون بمظهرية جوفاء .. لا روح فيها ولا صفاء
وهذا عين التفريط والجفاء

ولا يخفى على عاقل أن الارتقاء بروح الطفل لهذه المعاني العالية مؤثر في دينه ودنياه

فأما تأثير ذلك في دينه
فلا يخفى عليكم ما تلبس به كثير من المنتسبين إلى التدين من الإفراط أو التفريط في دين الله
وهذا ناجم عن عدم فهم الشريعة أولا .. وعدم ارتقاء أرواحهم لمعانيها ثانيا

وأما تأثيره على دنياه
فهنا صورتان .. بهما يعلم الفرق الشاسع والبون الواسع
بين الشاب الذي تعلق في صغره بالحياة العليا والشاب الذي تعلق في صغره بالحياة الدنيا

شاب يذاكر ويجتهد ويعمل وينجح ويعامل أهله وزوجه
ابتغاء مرضاة الله رب العالمين
وآخر يفعل هذا جميعا
ابتغاء الوجاهة الاجتماعية أو التقدم على غيره من الناس !

قال ربي سبحانه :
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ

يشري هنا من الأضداد .. فالمراد بها ضدها
والمعنى : ومن الناس من يبيع نفسه لله .. ببذلها في طاعة الله .. ابتغاء مرضاة الله

ياله من بيع عظيم .. قال فيه ربنا الكريم :

إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ
وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ
فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

تجارة مع الرب الغفور .. لا تقل ولا تضيع ولا تبور

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ *
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *
وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ


القاعدة الرابعة
**تغليق التعليق .. وإخراج الطفل من سجن التدقيق**


[التسلط]
لفظ يوحي بالقهر والاستبداد
يستعمله الناس غالبا في سياق الذل والاستعباد
ولا يستعمله الآباء غالبا إلا في سياق حديثهم عن عدم طاعة الأبناء

آباء يريدون أن يستبدوا بآرائهم .. لا أقول على الأولاد البالغين .. بل على الأطفال المساكين
يمارسون عليهم أشكالا وصنوفا من الضغط والتثريب .. ويلقون بهم في سجن التدقيق والتصحيح والتأنيب

وهذا –في وجهة نظري القاصرة- له سببان :

الأول : يتعلق باضطراب في الشخصية .. وهذا يتواجد غالبا في الآباء
والثاني : يتعلق بسوء الفهم لطبائع الأطفال الغريزية .. وهذا يتواجد غالبا في الأمهات

** السبب الأول : اضطراب الشخصية **

قبل أن أتكلم عن هذا السبب لابد من تنبيه مهم

الشخصية التي سأتعرض لها فيما يأتي إن شاء الله
عبارة عن شخصية مركبة من مجموعة صفات
وعليه فالكلام عنها لا يتعلق بمفرداتها أو الاستثناءات فيها
بل بمجموع سماتها ومجمل علاماتها


تأملوا معي أرشدكم الله في هذه السمات الشخصية

* الدقة الشديدة
* النظر العميق في كل التفاصيل
* الإغراق في التنظيم والترتيب والجدولة
* التفاني في العمل والإنتاجية لدرجة التخلي عن الأصدقاء وأوقات الراحة
* العملية الشديدة وعدم إدخال العواطف في السياقات الجادة
* الضمير الحي اليقظ والتشدد فيما يتعلق بالمثل والقيم والأخلاق

ما رأيكم في هذا التركيب ؟
قبل الجواب
فلنلق نظرة على هذا التركيب من جانب آخر

* التأنيب الشديد على المخالفة اليسيرة
* التقصير في انجاز الأهداف الرئيسية
* إطالة مدة الأعمال التي من الممكن انجازها في وقت أقصر
* تقديم العمل على المسؤوليات المعنوية الأسرية والاجتماعية
* فقر المشاعر وضعف القدرة على التعبير عنها إن وجدت
* عدم المرونة في المعاملات الإنسانية لدرجة التعنت والإصرار على اتباع الآخرين لطريقته في تنفيذ الأعمال

ما رأيكم الآن ؟

يظن كثير من الناس أن تركيب الشخصية بصورته الأولى تركيب مثالي
ولا يرون أي علاقة بين هذا التركيب والتركيب الذي يليه
ولكن العلاقة بينهما عند علماء النفس وثيقة
وتظهر هذه العلاقة بجلاء بوضع تركيب ثالث مكون من التركيبين الفائتين


تأملوا رعاكم الله في التركيب الآتي .. وحاولوا ربط كل سمة بما يقابلها

* الدقة الشديدة == التأنيب الشديد على المخالفة اليسيرة
* النظر العميق في كل التفاصيل == التقصير في انجاز الأهداف الرئيسية
* الإغراق في التنظيم والترتيب والجدولة == إطالة مدة الأعمال التي من الممكن انجازها في وقت أقصر
* التفاني في العمل والإنتاجية لدرجة التخلي عن الأصدقاء وأوقات الراحة == تقديم العمل على المسؤوليات المعنوية الأسرية والاجتماعية
* العملية الشديدة وعدم إدخال العواطف في السياقات الجادة == فقر المشاعر وضعف القدرة على التعبير عنها إن وجدت
* الضمير الحي اليقظ والتشدد فيما يتعلق بالمثل والقيم والأخلاق == عدم المرونة في المعاملات الإنسانية لدرجة التعنت ، والإصرار على اتباع الآخرين لطريقته في تنفيذ الأعمال

ما رأيكم الآن ؟

نستطيع أن نخلص من هذه التراكيب بالآتي :

هذه الشخصية لها ظاهر وباطن
ظاهر إيجابي .. وباطن سلبي
والمحصلة النهائية من الظاهر والباطن = شخصية مضطربة عند علماء النفس قاطبة
اضطراب الشخصية الوسواسية .. التي تسعي للكمال بتعنت بلا مرونة ولا توسط ولا حيادية

تخيلوا
ما الذي ينتج عن هذا التركيب المخيف .. عند التعامل مع الطفل الصغير الضعيف
الجواب :
أب متسلط


أب يعلق على كل حركة .. ويدقق في كل كلمة
أب يتعامل مع أطفاله بالقواعد الحسابية ..ويستعبدهم تحت مسمى القواعد واللوائح الهوائية
أب يقيم شخصية طفله بمدى انضباطه ودقته .. من غير نظر إلى قلبه وعواطفه وإتزانه وطفولته
أب متسلط
لا يربط بينه وبين طفله إلا الأوامر والنواهي .. ولا يحب أن يراه على هيئة لاعب أو لاهي
فيخرج بتربيته إنسانا آليا بهدف محدد .. ينفذ ما تلقاه من الأوامر بلا تأخر ولا تردد
وكثيرا ما تنقلب هذه الآلة المبرمجة .. على قواعد الأب ولوائحه وأفكاره المومنتجة
فيتسلط على تسلط أبيه .. ويسعى في البحث عن من يفهمه ويحتويه

** السبب الثاني : سوء الفهم لطبائع الأطفال الغريزية **


علمنا فيما سبق أن تسلط الأب ناتج عن اضطراب شخصيته
وهنا سنتعرف على مصدر تسلط الأم على أولادها

تأملوا أرشدكم الله في هذه السلسلة [المشمشية] من أم لطفلها !

* مش قولتلك .. متوسخش هدومك !
* مش قولتلك .. متمشيش حافي !
* مش قولتلك .. متاكلش بإيدك !
* مش قولتلك .. متلعبش هنا !
* مش قولتلك .. قوم نام !

وإليكم الردود [الضيائية] على السلسلة [المشمشية]

* مش قولتلك متوسخش هدومك ! == طيب وفيها ايه لما يوسخ هدومه ! .. وتلبسيه هدوم غيرها !
* مش قولتلك متمشيش حافي ! == طيب وفيها ايه لما يمشي حافي ! .. وإنتي كمان تمشي حافيه !
* مش قولتلك متاكلش بإيدك ! == طيب وفيها ايه لما ياكل بإيده ! .. وتأكليه إنتي بالمعلقه !
* مش قولتلك متلعبش هنا ! == طيب وفيها ايه لما يلعب هنا .. وتقومي تلعبي معاه !
* مش قولتلك .. قوم نام ! == طيب وفيها ايه لما يفضل صاحي .. وتفضلي معاه لغايت ما يتعب وينام !

نفسي أفهم حاجه يا معاشر الأمهات

ايه المانع تقولي لطفلك حبيبك : تيجي نرسم على ورقة مع بعض ونعلقها على الحيطة
بدل ما تقوليله : بطل رسم على الحيطة بدل ما ألزق راسك فيها !!

ايه المانع تقوليله : تحب أساعدك في ترتيب لعبك عشان أنت دايما منظم
بدل ما تقوليله : قوم رتب لعبك اللي زي الخرابة دي !!

ايه المانع تقوليله : لو خلصت مذاكرة بدري هلعب معاك
بدل ما تقوليله : قوم خلص مذاكرة وبطل لعب أحسنلك !!

ايه المانع تقوليله : وطي صوتك يا حبيبي عشان إنت بطبعك هادي
بدل ما تقوليله : اخرس بئه يا زفت .. صدعتني ووجعتلي دماغي !!

ايه المانع تقوليله : قوم صلي عشان نكون مع بعض في الجنة
بدل ما تقوليله : قوم صلي عشان متدخلش النار !!

ايه المانع تقولي : خليك جنبي وأنا بصلي عشان أنت بتحب الصلاة
بدل ما تقولي : أنت بتطهقني في عيشتي وأنا بصلي .. ولو جيت جنبي هقطعك !!

هتقولي : أصله بيطلعني من خشوعي في الصلاة ومش بعرف أركز منه ..صح؟
هقولك : طيب .. هل إنت أحرص على الخشوع في الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم ؟
طبعا هتقولي : لا
هقولك : طيب تأملي في الموقف ده كده

أخرج النسائي في سننه بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن شداد بن أوس عن أبيه قال :
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم في إحدى صلاتي العشاء
وهو حامل حسنا أو حسينا
فتقدم رسول الله صلى الله عليه و سلم فوضعه ثم كبر للصلاة
فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها
قال أبي : فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو ساجد
فرجعت إلى سجودي !!
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصلاة قال الناس :
يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك
قال صلى الله عليه و سلم:
كل ذلك لم يكن ، ولكن ابني ارتحلني ، فكرهت أن أعجله ، حتى يقضي حاجته.

تأملوا في هذه الكلمات
ولكن ابني ارتحلني ، فكرهت أن أعجله ، حتى يقضي حاجته

ارتحلني ؟!! ... كلمة كبيرة أوي !!
فكرهت أن أعجله ؟!! ... هو ده السبب بس ؟!! ... عشان ميستعجلش عليه !!
حتى يقضي حاجته ؟!! .. لغايت ما يخلص لعب !!

حقيقة لا يسعني إلا أن أقول
[ صلى الله عليه وسلم ]

أيها الأب الفاضل ... ولدكَ ولدكَ ..ليس أنتَ
أيتها الأم الفاضلة ... ولدكِ ولدكِ .. ليس أنتِ

[[أنا طفل !]]
هذا لسان حال كثير من الأطفال الذين يعانون من تسلط أمهاتهم
لعدم وعيهم بهذه الحقيقة الواضحة الخفية !
حقيقة [أنه طفل]

والطفل طفل
هل تعي أيتها الأم الفاضلة معنى هذه الأحرف؟!

* ط = طيبة وطاقة وطبائع عفوية
* ف = فضاء وفضول وفنون إبداعية
* ل = لعب ولهو ولامبالاة ملائكية

هذه طبيعة الأطفال

طيبة لا تعرف قسوة الأشرار .. وطاقة لا تعرف الكسل والإنكسار
وطبائع عفوية لا تعرف المكر وتحايل الشطار [قطاع الطرق يعني ]

فضاء فسيح من الأفكار .. وفضول وتطلع وإستخبار
وفنون إبداعية لا يستطيعها بعض الكبار

لعب في الليل والنهار .. ولهو في الجد والهزار
ولامبالاة ملائكية لا سخرية فيها ولا احتقار


أخرج أبو داود وابن ماجة بإسناد صحيح واللفظ لابن ماجة
من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه قال :
رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب
فأقبل حسن وحسين عليهما قميصان أحمران ، يعثران ويقومان
فنزل النبي صلى الله عليه و سلم ، فأخذهما فوضعهما في حجره
فقال : ( صدق الله ورسوله ، إنما أموالكم وأولادكم فتنة ، رأيت هذين فلم أصبر )!!
ثم أخذ في خطبته .

تأملوا أرشدكم الله في هذه العبارة
فنزل النبي صلى الله عليه و سلم ، فأخذهما فوضعهما في حجره
فنزل ؟!! ... من على المنبر ؟!! ... لو فعلها خطيب في زماننا لاتهم في دينه وعقله !!
فأخذهما ؟!! ... كان من الممكن أن يسلم عليهما فحسب ... ثم يصعد عليه الصلاة والسلام !!
فوضعهما في حجره ؟!! ... ليه ؟!! ... لأنهما طفلان !!

هذه رسالة عظيمة لكل الآباء المتسلطين على أطفالهم بالتدقيق والتعليق
أدعوهم فيها إلى

تغليق التعليق ... وإخراج أطفالهم من سجن التدقيق

والله الموفق



القاعدة الخامسة
** كن حازما في غير قسوة وطغيان .. لينا في غير تساهل واستهوان **



أكثر الآباء والأمهات يجمعون في تعاملهم مع أبنائهم بين الحزم واللين
والشأن في هذا الباب ليس في مجرد الجمع بين الحزم واللين
ولكن في طريقة الحزم وطريقة اللين .. ووقت استعمال كل منهما

فكثيرا ما ينجرف الحزم بالآباء إلى القسوة والجفاء .. والانتصار للنفس والسخرية والاستهزاء
وكثيرا ما يدفعهم اللين إلى التساهل مع البنين .. بطريقة مضيعة لمصالح الدنيا والدين

والجمع المقصود هنا هو الجمع الشرعي التربوي

حزم بلا قسوة ولا طغيان .. ولين بلا تساهل ولا استهوان
حزم ممزوج بالحنان .. ولين محاط بأسوار من الأمان

تأملوا أرشدكم الله في هذا المشهد

طفل بريء يلعب بالكرة .. ويركلها هنا وهناك
فقال له أبوه : لا تقذفها لئلا تكسر شيئا .. فاستمر في ركلها واللعب بها
فكرر عليه الأب مقولته .. فغلب عليه نهمه للكرة وولعه بها واستمر في ركلها
وفجأة ركلها ركلة عنيفة .. فاتجهت الكرة مباشرة إلى الصف العلوي من [النيش]
فكسرته ووقع بكل ما عليه آخذا في طريقه الطبقات السفلى .. ومهشما لأثمن الأكواب والكؤوس

ما هو التصرف التقليدي من الأبوين في مثل هذا الموقف ؟!

مبدئيا كده ... الواد ده هيتقطع !!
غير السب والشتم واللعن والصراخ .. والدعاء عليه في بعض الأحيان
وربما تفاقم الأمر إلى سب أمه والتطاول عليها .. لأنها نسيت إغلاق باب [النيش]
أو لأنها تحاول حماية طفلها من بطش الأب وضربه الشديد

هذا هو واقع كثير من الآباء للأسف الشديد

وبعد معرفة التصرف التقليدي يأتي السؤال التقليدي
ما هو التصرف الصحيح في هذا الموقف ؟!

قبل أن أجيب على هذا السؤال المهم .. أريد أن أسأل سؤالا آخر

ما هو الغرض من رد فعل الأبوين تجاه الطفل في هذا الموقف ؟!

الجواب :
رد فعل الأبوين تجاه الابن في مثل هذا الموقف له أحد غرضين لا ثالث لهما

الأول : إخراج شحنة الغضب المشتعلة في صدورهما والانتصار للنفس وشفاء غيظها من الولد
الثاني : تأديب الولد وتعريفه بخطأه لعدم تكراره مرة أخرى

وهذان الغرضان لا يجتمعان أبدا
ذلك أن تأديب الولد في مثل هذا الموقف وإخراج شحنة الغضب وشفاء الغليل
بضربه وسبه ولعنه والصراخ فيه مخالف لما قرره علماء الشرع وعلماء النفس قاطبة

لأن هذا عند الفقهاء وعلماء النفس ليس تأديبا تربويا .. ولكنه تعزير انتقامي
وقد أجمع أهل العلم على أن الطفل يضرب تأديبا لا تعزيرا
فليس الغرض من ضرب الطفل هو الإيلام والانتقام
بل الغرض هو التأديب والتعليم والإفهام

كضرب الزوج لزوجه

بعض الأزواج يعمل بقوله تعالى في سورة النساء : وَاضْرِبُوهُنَّ
من غير نظر لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر الطويل الذي رواه مسلم
فاضربوهن ضربا غير مُبَرح

وبعضهم يعمل بهذا الحديث من غير نظر لفهم السلف له
قال عطاء : قلت لابن عباس ما الضرب غير المبرح ؟ قال : بالسواك ونحوه

فإن قال قائل : وما الفائدة إذن من هذا الضرب ؟
فالجواب : أن الغرض الشرعي من هذا الضرب هو الإيلام المعنوي لا الحسي
لأنه ضرب تأديبي .. لا تعزيري انتقامي

وهذا هو نفس الغرض الشرعي الصحيح من ضرب الأطفال

وهنا نرجع لسؤالنا الأول
ما هو التصرف الصحيح في هذا الموقف ؟!

والجواب بناء على ما تقدم
أن التصرف الصحيح في مثل هذا الموقف ألا يتعرض الأبوان أو أحدهما للطفل مطلقا في وقت غضبهما
لأن التعرض له في هذا الوقت لن يكون إلا انتصارا للنفس وإخراجا للغيظ وشفاء للغليل
وسيذهب الغرض التأديبي في ثنايا هذه الانفعالات الشديدة

ووقت التأديب الصحيح في هذه الحالة يكون بعد سكون عاصفة الغضب وذهاب أمواج الانتقام
بأحد أنواع التأديب السبعة التي سنتكلم عليها لاحقا إن شاء الله .. لا بالضرب وحده
كالتأديب بالوعظ والتأديب بالتوبيخ والتأديب بالهجر والتأديب بالحرمان
والتأديب بالطرد والتأديب بالحبس والتأديب بالضرب
وتحديد النوع المستعمل يكون بحسب الموقف وحالة الطفل وقت التأديب

هذا هو الحزم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد
اداري سابـق ♥
اداري سابـق ♥
خالد


عدد المساهمات : 676
تاريخ التسجيل : 23/12/2010

القواعد الحسان في تأديب الولدان بلوغ الآمال في تربية الابناء Empty
مُساهمةموضوع: رد: القواعد الحسان في تأديب الولدان بلوغ الآمال في تربية الابناء   القواعد الحسان في تأديب الولدان بلوغ الآمال في تربية الابناء Emptyالسبت يناير 14, 2012 10:43 am

القواعد الحسان في تأديب الولدان بلوغ الآمال في تربية الابناء 653406
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
القواعد الحسان في تأديب الولدان بلوغ الآمال في تربية الابناء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القواعد الحسان في تأديب الولدان بلوغ الآمال في تربية الابناء
» القواعد الذكية.. لربة البيت المثالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ابو حدود  :: اقسام المنتدى :: المنتدي العائلي كل مايخص الاسره والحياه ☺☻-
انتقل الى: